الثلاثاء، 17 مايو 2011

حاز المطرب السوداني محمد عثمان وردي على شهرة واسعة النطاق تجاوزت باجنحتها المذهبة حدود السودان الى العالم والمحيط الدولي‚ حتى نال لقب فنان افريقيا الاول‚ الغناء عنده قيمة ايديولوجية وفكرة اجتماعية قبل ان تكون فنية‚ دخل المعتقلات السياسية في حقب عسكرية سابقة وكان يعمل بالتدريس حتى منتصف الستينيات‚منوعات الوطن التقاه واجرى معه حوارا فوق العادة تطرق فيه الى سلم الشهرة‚ قضية الفيديو كليب‚ وخلافه مع الآخرين‚ فالى تفاصيل الحوار:

الموسيقار محمد وردي اسم كبير كيف كون وردي هذا الاسم‚‚ اهي الدراسة والموهبة والعبقرية ام ماذا في الامر؟

ـ بجانب الموهبة والدراسة كانت هناك المثابرة والجدية والصبر وعدم التسرع والتعجل للوصول الى القمة في اسرع وقت ممكن هذا الى جانب الاحساس الدائم بان هناك من هو احسن مني كذلك لصناعة النجاح لا بد من نكران الذات وعدم الانغلاق على النفس والبلد الواحد الذي تربيت فيه او ذلك الذي تنتمي اليه جغرافيا وهذه كلها حدود ضيقة لا تساعد على الانطلاق وكذلك لا بد من الاستمرار والمواكبة والتمارين اليومية لكي تستطيع الثبات في الساحة الفنية ومن ثم الاستمرار فيها بشكل طبيعي فيه كثير من النجاح والتميز‚

كيف بدأ الاستاذ محمد وردي مشواره الفني حتى تربع على عرش الغناء السوداني بلا منافس‚‚ حدثنا عن هذه المسيرة؟

ـ كنت اعمل معلما بمنطقة حلفا اقصى الشمال السوداني وقد رشحني المعلمون وقتها هناك ان امثلهم في مؤتمر عقد بالخرطوم في العام 1953 تلك كانت اول مرة احضر فيها للعاصمة الخرطوم واستمر بعد ذلك عملي في التدريس بالخرطوم وكنت حينها عازفا ولم اكن احلم ان اصبح فنانا مطربا لكن بعد عودتي الى المنطقة كبر عندي حلم ان اصبح مطربا خاصة ان منطقتنا في ذلك الوقت لم تقدم فنانا بعد خليل فرح رحمه الله لذلك كان لا بد لي من تمثيل المنطقة غنائيا لا سيما وانا قادم من منطقة ثرية بالثقافة والفن والابداع والتراث العتيق‚ وفي ذلك الوقت كبرت عندي الفكرة والحلم فشققت طريقي دون تردد الى الخرطوم وتأثرت ببعض المطربين امثال المطرب الضخم ابراهيم عوض ‚

على ذكر المطرب ابراهيم عوض هل صحيح انه اعلن عليك الحرب في بداية مشوارك الفني؟

ـ ضحك ملء شدقيه ثم قال على الفور: ابراهيم عوض فنان عظيم وانا من المعجبين جدا بفنه واغنياته وابداعه وهو الذي دفعني الى الامام خلال مسيرة عطائي الفني خاصة انه يعتبر رائد الاغنية الشبابية في ذلك الوقت كنت في ذلك الزمان اعمل في مهنة التدريس وكنت معلما بمدرسة شندي شمال السودان وصادف وقتها ان الفنان ابرهيم عوض مدعو لاحياء حفلة هناك فحاولت ان اقابله لكن من كانوا حوله منعوني من الدخول اليه ولكنني كنت مصرا على مقابلته فتسللت خلسة وهو في غرفة الفنانين فقابلته اثناء احد فواصل الحفل وقلت له بسرعة شديدة كل الكلام الذي كنت انوي قوله في زمن وجيز جدا وتحديدا في اقل من دقيقتين وكان رده لي ان قال لي ان الدخول الى الاذاعة صعب جدا واكتفى بذلك لكنني لم ايأس وبعد اقل من سبعة اشهر كنا سويا انا وابراهيم عوض نحيي حفلة في ضواحي الخرطوم وتسلل الى غرفتنا احد الشباب وقال لي نفس الكلام الذي سبق ان قلته انا لابراهيم عوض طالبا الدخول الى الاذاعة فقلت له الدخول للاذاعة صعب جدا فضحك حينها ابراهيم عوض ضحكا شديدا وتذكر الواقعة القديمة‚

يشار الى انك المطرب السوداني الوحيد الذي استطاع تقديم اللحن النوبي في الكلمات العربية فكيف وفقت في ذلك؟

ـ هذه حقيقة وفي الواقع ان منطقتنا فيها فنون افريقية عديدة واللغة النوبية لغة طائعة وانا في الاصل شاعر نوبي واحب الشعر بوجه عام وكنت احفظ دواوين المتنبي والبحتري وابونواس ومازلت احفظ الكثير من الشعر العربي الرصين ولعل مثل تلك النماذج ساعدني كثيرا في اختيار كلمات الاغنيات بعناية ثم تقديمها للجمهور‚

هذا يجعلنا نسألك عن ثنائيتك مع الشاعر العظيم اسماعيل حسن؟

ـ انا واسماعيل من منطقة واحدة وان كان هو من قبيلة الشايقية وأنا من المحس الا ان ثقافتنا وفنوننا واحدة‚ اسماعيل حسن كان يحسني ويشعر بي وعرفت انا كيف اعبر له شعره وعندما قدمنا غيرنا مفاهيم الاغنية ونظرة الشعراء للمرأة كما في اغنيتي بعد ايه والمستحيل وخاف من الله مما جعل شعراء الحقيبة يهاجموننا‚ المرأة كانت عندهم مقدسة واستطعنا ان نجذب الشباب الى هذه اللونية الجديدة في الاغاني الحديثة التي لا ترى داعيا لتقديس المرأة وتصويرها بانها الملاك الذي يطاع اثناء حوار تليفزيوني قلت انك نادم على بعض اغنياتك‚

واناشيدك للانظمة الحاكمة هل هناك اغنيات عاطفية انت نادم عليها؟

ـ لا ابدا‚ والاغاني الوطنية لست نادما عليها في حد ذاتها وانما نادم على الانظمة التي لم تكن في مستوى الاغنية‚

ماذا اضافت لك السجون‚ وماذا جنيت من الغربة؟

ـ السجون اضافت لي الالتصاق بالناس وحبهم لي والشعور بهم والغربة تأخذ وتعطي‚ غير انها اتاحت لي الالتقاء بمبدعين جدد وثقافات جديدة رغم انها حرمتني من التواصل‚

الوطن‚‚ هل غيرت رأيك في حكومة الانقاذ وهل يمكن ان تغني لها؟

ـ لم اغير رأيي في حكومة الانقاذ ولن اغني لهم وانما السن والمرض يفرضان علي ان اكون مسامحا ومسالما وليس هناك داع لصراع بيني وبين الانقاذ‚

انت فنان خلافي اختلفت مع الشاعرين اسماعيل حسن واسحاق الحلنقي وحتى عبدالوهاب ابنك لم يسلم منك؟

ـ انا لا اطلب الخلاف ولا اسعى اليه ولكن الاطراف الاخرى هي السبب في تلك الخلافات مثلا عبدالوهاب ابني لا يمتلك امكانية الفنان قد يكون عازفا ولكن كصوت هو صاحب اسوأ اداء في اصوات ابنائي‚اما الشاعر اسماعيل حسن فقد صرح وقال انه صنع وردي مما جعلني اتركه واتجه الى الشعراء الدوش ومحجوب شريف وعلي عبدالقيوم وصلاح احمد ابراهيم وحققت نجاحات معهم وعاد لي بعد ذلك اسماعيل حسن باغنية واأسفاي اما اسحقالحلنقي فكل ما في الامر اني انتقد الملحن صلاح ادريس في ألحانه فتولى هو الامر وهاجمني‚

سيد خليفة حقق انتشارا عربيا ومحمد وردي حقق انتشارا افريقيا حتى نال لقب فنان افريقيا الاول لماذا الاغنية السودانية متراجعة عند العرب؟

ـ سيد خليفة اتيحت له الفرصة في القاهرة ودعمه الاعلام المصري وهو فنان خفيف الدم ويستحق هذه المكانة التي وصل اليها‚ نحن عامة اقرب الى الافارقة من العرب‚ نحن طريقتنا مختلفة نحن عندنا النص والعرب عندهم الربع هذا ما يجعل الاذان العربية لا يستهويها اللحن السوداني الى جانب ذلك فاني الوم الاعلام السوداني والفنان السوداني الذي ينتظر ان يأتي اليه العرب في بيته ليستمعوا له ويسجلوا له‚

المطربة «ستونة» قالت انها حققت في القاهرة ما لم يستطع ان يحققه وردي؟

ـ الشهرة سهلة ممكن تقتل شخصا وتصبح مشهورا‚‚ ستونة شاركت عادل امام في فيلم هاللو اميركا وظنت ان ذلك كل النجومية‚

ماذا تقول عن ترديد المطرب محمد منير لبعض اغنياتك‚‚ هل وصلت الامور بينكما الى المحاكم؟

ـ محمد منير فنان جيد واخ صغير لي وهو من قبيلة النوبيين نشر الاغنية السودانية في مصر ولم تصل الامور بيننا الى المحاكم‚ بل اشجعه واسمح له بترديد اغنياتي‚

الاغنية السودانية اصبحت لا تمتلك مقومات البقاء ما رأيك في الفيديو كليب كوسيلة لتطوير الاغنية السودانية؟

ـ الفيديو كليب من الطرق المستحدثة وهو تطور طبيعي فقط نرجو ان يكون التناول العربي له معبرا عن الواقع العربي ولا نريد له ان يكون مروجا للمظاهر الغربية‚

وماذا عن الساحة العربية الآن فنيا‚‚ هل تستمع لنانسي عجرم وهيفاء وهبي؟

ـ بالتأكيد استمع لهما وهذا جيلهما ولا نستطيع ان نلومهما وان كانت الاغنية تراجعت كثيرا وفقدت المضمون والمعنى اغنية «آه ونص» تبقى فترة محدودة وتنتهي ليس كما اغنيات فيروز وعبدالحليم حافظ وعبدالوهاب ومحمد عبده التي تبقى وتستمر ولا تنتهي‚ والفنان في الماضي كان لا يغني في الحفلة ثلاث ساعات متواصلة والاغنية كانت 45 دقيقة اما مطربو الساحة الفنية اليوم لا يستطيعون ان يفعلوا ذلك وكما قلت فان الشهرة اسهل وايسر ما يكون ولكن المحافظة على القمة والاستمرار هو مربط الفرس‚

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق